لقد تعرض الجانب العسكري للثورة الجزائرية لكثير من الحملات المغرضة من جانب الصحافة الفرنسية ، و الملاحظ أن أغلب المقالات التي كتبها صحفيون أجانب و نشرتهـا المجاهد تتعلق بهذا الجانب و قد استعانت المجاهد بهذه المقالات للرد على تعليقــات الصحافـة الفرنسية و لتأكيد سلامة الجانب العسكري من الثورة . و تدور معظـم هذه المقـالات حول زيارات بعض الصحفيين الأجانب لمواقع الثورة في الجبال و معايشتهم لجنود التحرير و مشاهدتهم لبعض المعارك التي دارت بين الفرنسيين و الجزائريين ، أبرزها سلسلة مقالات تتكون من 20 مقالا كتبها صحفي يوغسلافي بعنوان 20 يوما مع جيش التحرير نشرتها صحيفة بوربا اليوغسلافية و قد نقلت المجاهد 6 مقالات منها ما يتحدث عن الاشتباكات التي كانت تدور بين الجزائريين         و الفرنسيين (1)كما أشار في أحـد مقالاتـه إلى خـط موريس الذي يمتد من عنابة على البحر الأبيض إلى تبسه على رمال الصحراء و يبلغ طوله 200 كلم .

 

و كانت المجاهد تنشر أحيانا مقالات قصيرة تحت عنوان صحافتهم تقول أو من اعترافات الفرنسيين تعرض فيها لأهم ما جاء في الصحف الفرنسية (لوموند – باري جورنالفيجارو) من اعترافات بخسائر القوات الفرنسية أو شهادات تكشف فيها عن عنصرية الفرنسيين.      

 

كما كانت المجاهد تتابع ما ينشر في الصحافة الإنجليزية عن القضية الجزائريـة وتعليقـات الصحف البريطانية عليها و قد نشرت مقالا بعنوان  قلق بريطانية المصطنع نقـلا عن صحيفـة الصنداي  تايمز  البريطانية .التي أعربت عن القلق الذي يساور بريطانيا بسبب الاختبارات العسير الذي يواجهها هذا العام في الأمم  المتحدة .بشأن اللائحة التي ستقدمها .الكتلة الأفرو آسيوية عن القضية الجزائرية .

 

فهي إذا عارضتها  ستخسر جميع هذه الدول التي تربطها بها مصالح متشعبة  ومن أهم المقلات التي نشرتها المجاهد نقلا عن الصحافة الغربية سلسلة المقالات التي نشرهـا الصحفي الأمريـكي مستر بيرستراب عن حرب العصابات في الجزائر.و هي أربع مقالات ضمنها خلافة تحليلية واقعـة عن الوضعية العسكرية .

 

 مكاتب الإعلام الخارجي لجبهة التحرير الوطني :               

 

   يعتبر مكتب القاهرة أول المكاتب الإعلامية التي بادرت الجبهة بفتحه عام 1955 ،   تلي ذلك فتح مكاتب أخرى للإعلام في باقي الدول العربية دمشق ، بيروت ، عمان … أما تونس        و المغرب فقد تم افتتاح مكاتب بهما مباشرة بعد استقلالهما.

 

و في مارس 1956 افتتحت الجبهة مكتبها الإعلامي بنيويورك و كان يتميز بأهمية نظرا لقربه من مقر الأمم المتحدة ، و في أفريل و ماي من سنة 1956 افتتحت مكاتب إعلامية جديدة في كل من جاكارتا نيودلهي ، كراتشي و في غضون عام 1957 فتحت الجبهة مكاتب إعلام جديدة في الدول الاشتراكية براغ ، موسكو ، بكين ، بلغراد ،

 

 و حتى في أمريكا اللاتينية حيث بدأت الجبهة بالبرازيل و الأرجنتين ، و لم تبدأ جبهة التحرير الوطني نشاطها الإعلامي في أوربا إلا في أوائل عام 1958 . و قد فتحت الثورة خلال عام 1958 مكاتب إعلامية في كل من لندن و استكهولم و روما و بون و جنيف أما في إفريقيا فقد بدأت الجبهة نشاطها الدعائي فيها بعد مؤتمر أكرا عام 1958

 

 و قامت بفتح مكاتب إعلامية في كل من أكرا و كوناكري ، و باماكو و اكتفت الجبهة بإرسال بعثات دعائية إلى كينيا و أوغندا….

 

وكالة الأنباء الجزائرية :

 

تأسست 1961 بتونس بعد أن استكملت الثورة الجزائرية أجهزتها الإعلامية ( سينما ، صحافة ، مكاتب إعلام ) و كان دورها يتعلق بالإشراف على كل ما يتعلق بالثـورة

 

و الناطق الرسمي لجميع ما تصدره الثورة من بلاغات أو تصريحات و توزيعها على مكاتب وكالات الأنباء العالمية .

 

موقف الإعلام العربي من الثورة الجزائرية ( الصحافة المصرية نموذجا):

 

   أولت الصحافة المصرية و على مختلف توجهاتها الفكرية و حتى السياسية اهتماما كبيرا بالثورة الجزائرية باعتبارها ثورة عربية إسلامية تهدف إلى التعبير عن أمال هذه الشعوب من المحيط إلى الخليج  و يبدو أن جبهة التحرير الوطني أدركت منذ الوهلة الأولى إيمانا منها بشرعية عملها الثوري ، أنها تحظى بالدعم و التأييد العربي الإسلامي و حتى العالمي إن صح التعبير حيث جاء في بيانها الأول : « … أما في الأوضاع الخارجية فإن الإنفراج الدولي مناسب لتسوية بعض المشاكل الثانوية التي من بينها قضيتها التي تجد سندها الدبلوماسي و خاصة من طرف إخواننا العرب           و المسلمين » ، « … و العمل في الخارج لجعل القضية الجزائرية حقيقة واقعية في العالم كله وذلك بمساندة كل حلفائنا الطبيعيين ». و يمكن استعراض بعض من مواقف الصحافة المصرية من الثورة الجزائرية.

 

االصحافة المصرية و اندلاع الثورة الجزائرية :

 

نشرت صحيفة الأهرام بعد يوم من اندلاع الثورة الجزائرية بعنوان – اضطراب الحالة في الجزائر – أوضحت فيه أن الثورة قد اشتعلت و أن الثوار قد ألقوا مالا يقل عن 30 قنبلة و أشعلوا عدة حرائق في المنطقة الواقعة حول قسنطينة ، و أوضحت صحيفة le journal d’egypte أن المعمرين حكموا البلاد مدة تزيد عن 100 سنة.

 

و أن الفرنسيين يعتبرون الجزائر  من  الوجهة القانونية السياسية جزءا من فرنسا  كما كتبت مقالا جاء تحت عنوان موجهة من ت الاضطرابات في الجزائر  .أبرزت من خلاه له أن مجموعة من الجزائريين قاموا بحوالي ثلاثين عملية تخريب في نقاط مختلفة علي وجه الخصوص في قسنطينة و لأوراس …واهتمت صحيفة الأهرام بنقلالاحداث  ونشر البلاغات العسكرية  التي يصدرها  جيش التحرير حيث جاء في أحد أعدادها:أن المعركة واسعة النطاق قامت في الجبال الاوراس  .استعملت فيها طائرات الهليكوبتر…….و أكدت الصحيفة أن فرنسي تواجه موقف خطير في الجزائر  واستندت في ذلك إلي تصريح وزير الحربية الفرنسي جاك شيفاليه اللذي ذكر فيه أن المعركة الوطنيين في الجبال الأوراس تتطلب الكثير من الوقت وعددا   كثيرا من الرجال .

 

 ب- الصحافة المصرية ورد الفعل الفرنسي على الثورة الجزائرية:

 

استغربت الصحافة المصرية الاحداث الداخلية و القوانين الاستثنائية التي اعلنتها السلطات الفرنسية عقب انجلاع الثورة منها قرار حل الأحزاب التفتيش المستمر الذي كانت تمارسه سلطات الاحتلال الفرنسي ضدالجزائرين في الأماكن العامة كما قامت باستطلاع الرأي العام و إجراء بعض المقابلات مع عدة شخصيات لمعرفة موافقهم من الثورة الجزائرية كالحوار الذي أجرته صحيفة الأهرام مع عبد الخالق حسونة  أمين الجامعة العربية للكفاح الجزائري..   .

 

 

 

ج- الصحافة المصرية و النشاط الدبلوماسي للثورة الجزائرية :

 

   اهتمت الصحافة المصرية بالجانب الدبلوماسي على مستوى الدول العربيـة  الإفريقيـة

 

 و الأسيوية ، و من ذلك الطلب الذي قدمته المملكة العربية السعودية إلى مجلس الأمـن لبحث القضية الجزائرية ، و النداء الذي قدمه وفد الجزائر بالقاهرة إلى حكومات باكستان ، الهند ، بورما ، سيلان و إندونيسيا بمناسبة اجتماع رؤساء هذه الحكومات بأندونيسـيا … و كذلك المذكرة التي قدمها وفد الجزائر إلى حزب المؤتمر الهندي و التي تعرض فيها تطور قضية الجزائر      و الاعتداءات الفرنسية على مقومات الشعب الجزائر الدينية و اللغوية و الثقافية ، و طالب الوفد المؤتمر ببذل المزيد من العون للشعب الجزائري في كفاحه للحصول على حريته و استقلاله.

 

د ) الصحافة المصرية و المساعدات العربية للثورة الجزائرية :

 

 كانت الصحافة المصرية ترى أن الجزائر جزء من الوطن العربي و أن تحريرها مكمل لتحرير الوطن العربي و استقلاله ، و ذكرت صحيفة الأخبار بمناسبة إنعقاد مؤتمر وزراء الخارجية العرب في بغداد عام 1960 أن تأييد الدول العربية للثورة الجزائرية يعد نصرا رائعا لهذه الثورة ،ذلك أن كفاح الشعب الجزائري طوال هذه السنوات جدير بالإعجاب و الفخر لكل عربي.

 

 

 

 

 

 

إعلام دول الجنوب و الثورة الجزائرية :

 

 

كانت دول العالم الثالث و الكتلة الآفروآسيوية سباقة لاحتواء القضية الجزائرية و مساندتها في المحافل الدولية ، فعند احتضان نيجيريا للمؤتمر العالمي للطلبة في سبتمبر 1957 شارك فيه وفد من إتحاد الطلبة الجزائريين ، و عند افتتاح أشغاله أصدر المؤتمرون لائحة تدين فرنسا و تطالبها بتغيير سياستها اتجاه الطلبة الجزائريين و تطبيق اللوائح الأممية ، أما أكبر دعم قدم للقضية الجزائرية كان أثناء مؤتمر باندونغ عام 1955  حيث ساهم التكتل الآفروآسيوي بشكل كبير في دعم الشعب الجزائري و حقه في تقرير المصير ، و كانت عاصمة غانا أكرا هي الأخرى مقرا لمؤتمر إفريقي أواخر سنة 1958 حيث طلب المؤتمرون ضرورة مساعدة الشعب الجزائري في استرجاع سيادته المسلوبة و كذا  كان الحال في مؤتمر كونا كري  حيث رفعت الراية الجزائرية ، أما في مؤتمر منروفيا 1959  بليبيريا صادقت الدول الإفريقية على لائحة تطالب كل الدول الإفريقية بالاعتراف بالحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية (GPRA)  و تقديم عون مادي لجيش التحرير الوطني  (ALN) ثم أوفدت مجموعة الدول الافروآسيوية رسالة إلى الأمين العام بتاريخ 20 جويلية 1960 تطالبه بإعادة إدراج القضية الجزائرية في دورة الأمم المتحدة ال 15 و قد صرح عدة زعماء سياسيين أمثال نكروما ، نهرو …على المستوى العالمي و اعترفوا أن الثورة الجزائرية أعطت إفريقيا دفعا جديدا لا مثيل له. 

 

إعلام الكتلة الشرقية و الثورة الجزائرية :

 

 

 

لا يمكن لحد أن ينكر الدور الذي لعبته دول الكتلة الشرقية في مساعدة الثورة  الجزائريـة

 

و إبراز صورتها الحقيقية للعالم ، عبر مختلف الوسائل الإعلامية التي تتوفر لديها ، فكانت دول مثل يوغسلافيا ، ألبانيا ، المجر ، كوبا ، تشيكوسلوفاكيـا ، الإتحاد السوفيـاتي

 

 و غيرها من الدول السباقة في هذا الميدان ، فكتب الصحافي و الكاتب اليوغسلافي زفادكو بيكار ZVADKO PERAR ذات يوم قائلا : « عن الثورة الجزائرية قلبت البنية التحتية رأت على عقب في الجزائر أنها ثورة فريـدة من نوعهـا في الزمــن المعاصر » و تظهر قيمة تصريحات بيكار في كونه من أكبر المحررين لصحيفة يوغسلافية معروفة هي جريدة « بوربا » التي أسهمت إلى حد بعيد في رؤية و منهاج الثورة الجزائرية و فضحت الممارسات اللإنسانية لفرنسا فكانت مقالتها واضحة صريحة حول محاولات فرنسا الفاشلة لإيجاد قوى تتعارض معها عوض جبهة التحرير التي فرضت نفسها كمفاوض وحيد شرعي للشعب الجزائري نظمت صفوف الجماهير الشعبية و تركت بصماتها على النصف الثاني من القرن العشرين ، أما في مرحلة ثانية ركزت الصحيفة و غطت كل تطورات القضية الجزائرية في المحافل الدولية حيث نشرت تأييد الدول الغير المنحازة في مؤتمر بلغراد  1961 للثورة الجزائرية و كذا المؤتمرات الأخرى كلقاء بريوني و تأييد كل  من الرئيس جمال عبد الناصر ، الرئيس نهرو و الرئيس تيتو لها ، و قد بلغ شغف بيكار بالثورة الجزائرية حيث قدم على الجزائر و قضى مدة مع المجاهدين و ألف كتابا أطلق عليه « الجزائر » حلل فيه الخلفيات الاستعمارية الفرنسية اتجاه الجزائر ، ثم سياسة الكولون       و استخلص في النهاية أن الثورة الجزائرية تكمن قوتها في كونها تزامنت مع الحرب الباردة ، لكنها لم تنحاز لأي معسكر و رفضت وصاية المعسكرين ( USA – URSS) . لقد أصبحت الثورة الجزائرية مرجعا للحركات الثورية المعاصرة و للدول الغير المنحازة ، و أكد بيكار على أن استقلال الجزائر سيكون مستحقا و غالي الثمن  و كانت الدول المجاورة ليوغسلافيا كألبانيافي غاية التقدير و الإحترام لثورة التحرير الجزائرية و يذكر السيد فلادمير خوجة VLADIMIR HODJA أ ثناء ندوة تاريخية بالجزائر أن صحيفة صوت الشعب لسان الحزب العمالي الألباني أصدرت مقلات دورية تشرح فيها مبادئ و أهداف الثورة و اعترف أن كفاح الشعب الجزائري هو كفاح لمجمل الشعوب المقهورة في العالم.

كما أقدمت إذاعة « تيرنا TIRANA » بالعاصمة على تخصيص حصص عديدة حول الثورة باللغة الألبانية ، العربية ، الفرنسية و الإنجليزية لمخاطبـة شعـوب  العـالم ، و إظهار انتصارات الجزائريين و تكذيب إدعاءات فرنسا المغرضة و صدق رئيس دولة ألبانيا ENVERHOXHA حين قال : « إن الثورة الجزائرية قدمت أرقى الأمثلة في التضحية » أما المجريون فكانوا كذلك في مقدمة المدافعين عن الحقوق المشروعة للجزائريين و يذكر السيد ناجي لازالو NAGY LAZLO أن الفضل في ذلك يعود لعدد من الصحف المحلية و على رأسها صحيفة NATIONA التي تابعت أحداث الثورة و سير المعارك و العمليات الفدائية التي يقوم بها جيش التحرير كما تعرضت ( تناولت ) لسلسلة الاعتقالات و مصادرة الحريات      و حضر التجول و غيرها من الأحداث و كتبت سنة 1960 إثر زيارة وفد الحكومة المؤقتة): إن المشكل الأساسي الذي يواجه الحكومة الفرنسية و الذي سيقضي عليها هو الثورة الجزائرية » ، أما في أمريكا اللاتينية فإن كوبا سارعت منذ السنوات الأولى للثـورة التحريريـة   لتمجيدهـا و مساندتها و هناك أقوال عديدة للزعيم فيدال كاسترو تناولتها الصحف المحلية« إن كفاح الشعب الجزائري كان في أصعب الأحوال رمزا للشجاعة و الأمل و منبعا آخر للقوة » أما صديقه شي غيفاراعن كفاح الشعب الجزائري هو كفاح من أجل الحرية » و يخص مجموع الشعوب التي تعاني الظلم و الجور ، و قد سميت البنات الكوبيات المولودات عام 1959 باسم ALG

 

سيد احمد مقدم