أجمع المشاركون في فعاليات الملتقى الدولي حول الذكاء الاقتصادي وأخلاقيات الأعمال كأساس لحوكمة العلاقات بين المنظمات والذي احتضنته كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير بجامعة سيدي بلعباس أن التوفيق بين الذكاء الاقتصادي وأخلاقيات الأعمال ضروري لضمان حوكمة جيدة للعلاقات بين المنظمات في بيئة الأعمال الحالية بهدف خلق إقتصاد حقيقي ومتوزان.
شرَح جل المتدخلين من مختصين، أساتذة جامعيين وخبراء إقتصاديين، الواقع الإقتصادي الراهن والذي أصبحت بيئة أعماله الحالية معقدة بعد أن شهدت الأوضاع زيادة حدة المنافسة، ما أضطر بعديد المؤسسات لاعتماد الذكاء الاقتصادي في استراتيجياتها الشاملة، الذي كان في بادئ الأمر خاصا بالمؤسسات الكبيرة، ليصبح اليوم مرتبطا وبشكل وثيق بكل المؤسسات على إختلاف أحجامها.
وأكد المتدخلون أن السنوات العشرين الماضية قد شهدت أشكال جديدة من العلاقات بين المؤسسات، من تطور التعهيد، تطور عقود التوريد، التوزيع، عقود المناولة، الشراكة والتعاون، هذا التطور لم يكن كأساس لإعادة تنظيم عمليات الإنتاج فقط ولكن أيضا كمنطق للتكامل الإنتاجي وهي العلاقات الجديدة التي زادت من حدة السباق نحو الابتكار والجودة، وأصبحت إدارة هذه العلاقات تقوم على استخدام المعلومات وإنتاج المعرفة، ما فرض المعرفة كمورد استراتيجي بامتياز، وجعل الأصول غير الملموسة تحتل قلب النشاط الإنتاجي للمؤسسات على حساب الأصول المادية؛ كما جعلها أساسا للتنسيق الاقتصادي والتكامل على امتداد سلسلة القيمة.
هذا وقدم المختصون مقاربات في ممارسة الذكاء الإقتصادي ومن ذلك المقاربة الأمريكية، التي تركز على اليقظة الإستراتيجية وإدارة المعرفة والمقاربة الآسيوية التي تركز على الذكاء الجماعي، ليؤكدوا بعدها أن ممارسة الذكاء الاقتصادي مرتبطة أشد الإرتباط بمفهوم الأخلاق، فممارسة الذكاء الاقتصادي ينبغي ألا تضر بمصالح المتعاملين الاقتصاديين الآخرين، ما يفرض الترابط بين الذكاء الاقتصادي والأخلاق، فأخلاقيات الأعمال تضبط مسألة العلاقة مع الآخر. حيث لا تصبح المسؤولية الاجتماعية للمنظمات مطلبا أخلاقيا فقط وإنما مسألة حيوية لبقاء وتطور المنظمة، وفي ضوء علاقة التكامل بين الذكاء الاقتصادي وأخلاقيات الأعمال في بيئة الأعمال الحالية، ولضمان نجاح المبادلات والعلاقات الاقتصادية بين المنظمات، يجب أن تستكمل الحوكمة تأسيسها عن طريق اعتماد البعد علائقي قائم على أساس استراتيجي-أخلاقي. هذه النظرة تعتبر بمثابة محاولة لتأسيس حوكمة جديدة تأخذ بعين الاعتبار نظم المعلومات، والذكاء الاقتصادي من منظور استراتيجي مرهون بالجمع بين الحوكمة وبين الذكاء التنظيمي الأخلاقي.
وإنطلاقا من هذا المنظور ربط الباحثون دراسة مفهوم الحوكمة، بالذكاء الاقتصادي وأخلاقيات الأعمال، لتطوير العلاقات بين المنظمات، لكن هذا لا يتأتى إلا من خلال تطوير رؤى جديدة حول مفهومي الذكاء الاقتصادي وأخلاقيات الأعمال والبحث في دورها كوسيلة لحوكمة العلاقات بين المنظمات، ولتطوير نظم المعلومات إلى نظم إدارة المعرفة بين المنظمات، بما يسمح بتعزيز التعاون والتنسيق بين المنظمات وترسيخ ثقافة الإنفتاح والتقاسم بينها.