مجهودات استثمارية كبيرة لمواجهة الظاهرة
تستثمر الدولة مبالغ ضخمة من أجل توفير ضروريات الحياة، وعلى رأسها ماء الشرب، الذي يحدد استقرار المواطنين، لاسيما بالمناطق الريفية، وقد كانت 2017 السنة التي استفاد منها قطاع الري من عدة مشاريع مهيكلة ضخمة، بلغت قيمتها 126 مليار دينار، الهدف منها القضاء تدريجيا على مشكل ندرة الماء و»إطفاء عطش» ملايين السكان بعدة ولايات من مختلف جهات الوطن، التي ظل بعضها لسنوات يواجه وضعية صعبة.فقد عملت بالتنسيق مع مختلف القطاعات والمصالح، لاستكمال العديد من المشاريع، وانتظار أخرى تأتي تباعا، فضلا عن البرنامج الاستعجالي الذي خصص له 31 مليار دينار لتغطية العجز المسجل، وتسريع وصول الماء خلال الشهر الفضيل وأيام الصيف بالخصوص، وعدم تكرار سيناريو العام الماضي، الذي طفا خلاله مشكل الندرة بحدة وأصبح حديث الناس وهاجس السلطات العمومية، قد ساعد في ذلك استغلال مياه السدود التي يتم تحويلها إلى عدة ولايات، فضلا عن استغلال كل الاحتياطات الباطنية، وتحلية مياه البحر والمناطق الصحراوية، لتوفير مياه عذبة، تخفف مشقة السكان.
2017سنة المشاريع الضخمة في قطاع الري … 8 مشاريع تريح السكان
تعد 2017 السنة التي استفاد منها قطاع الري من عدة مشاريع مهيكلة ضخمة، بلغت في مجملها 8 مشاريع، بقيمة استثمار بلغت 126 مليار دينار، حسبما كشف عنه مسؤول بالمديرية العامة ل»الجزائرية للمياه»، الهدف منها «إطفاء عطش» ملايين السكان بعدة ولايات من مختلف جهات الوطن، ظل بعضها لسنوات يواجه مشكل الندرة الكاملة لهذه المادة الحيوية، وأخرى تشكو قلة التزود الذي لا يفي بالغرض المطلوب، وأخرى تستهلك مياه مالحة، كما هو الشأن بولاية ورقلة التي تنفست الصعداء هذا الصيف، واستفادت من ماء عذب زلال، وتخلصت من شراء المياه المعبأة للاستهلاك. وتدخل هذه المشاريع التي دخل جلها مرحلة الاستغلال هذا الصيف، في إطار السياسة المنتهجة من أجل تحسين الإطار المعيشي للمواطن، وتخفيف مشاقه.
أكد رئيس قسم التنمية بالمديرية العامة لمؤسسة «الجزائرية للمياه»، حسين لوقاني ل «المساء» أن سيناريو الصائفة الماضية المتعلق بنقص التزود بالماء الشروب لن يتكرر هذا الموسم، بفضل المشاريع الكبرى التي يتم تجسيدها تباعا، وقد حازت الجهة الشرقية للوطن على أغلب هذه المشاريع الضخمة، كون العديد من المناطق بمختلف ولاياتها ظلت لسنوات تواجه مشكل التزود بماء الشرب.
ولضمان صيف آمن وخال من مشكل ندرة الماء الشروب، رصدت الدولة هذه السنة مبلغ 31 مليار دينار لتغطية العجز المسجل، ودرءا لأي طارئ يتعلق بالتموين بهذه المادة الضرورية، حسبما صرح به مؤخرا المدير العام ل»الجزائرية للمياه»، إسماعيل عميروش، الذي طمأن بقضاء صيف مريح، لاسيما في الولايات ال25 التي تضررت الصائفة الماضية، تضاف إليها 5 ولايات أخرى، مؤكدا أن المؤسسات المنتجة للمياه تنتج وتوزع يوميا حوالي 9 ملايين متر مكعب، وأن الدولة بذلت مجهودات جبارة لتعميم شبكة المياه الصالحة للشرب، وصلت حدود 98 بالمائة على المستوى الوطني.
وتعد هذه المشاريع ثمرة السياسة المنتهجة، والتي استثمرت بشكل كبير في مجال بناء السدود وعدم الاقتصار على المياه الجوفية التي لا تفي بالغرض المطلوب، لاسيما أمام الكثافة السكانية المتزايدة التي فاقت أربعين مليون نسمة.
سطيف تتنفس الصعداء و»أوركيس» يغيث أم البواقي
أفاد السيد لوقاني أن زهاء مليون و110 آلاف نسمة بولاية سطيف، سيستفيدون من مياه السد الواقع ببلدية محوان، موزعين على 13 بلدية، منها 6 بلديات كبرى تزود قريبا من خلال عملية استعجالية، كونها تضم كثافة سكانية معتبرة، مثل سطيف، العلمة، محوان، عين عباسة وأوريسيا، في انتظار أن تحصل 7 بلديات أخرى على نصيبها من هذه المادة الضرورية في أكتوبر القادم، وقد كلف هذا المشروع خزينة الدولة 18.1 مليار دينار.
وسيتخلص 530 ألف نسمة من أزمة الماء بولاية أم البواقي، التي تضم سد أوركيس الذي سيزود 5 بلديات كبرى منها أم البواقي، عين البيضاء، عين كرشة وعين مليلة. وقد كلف المشروع مبلغ 16.2 مليار دينار. وحسب رئيس قسم التنمية بمديرية «الجزائرية للمياه»، فإن هذا المشروع انتهت أشغاله ويتم منذ أيام تجريبه، وسيتم تزويد السكان قبل نهاية الشهر الجاري.
«تيشي حاف» و «تيلستيد» لتموين 10 بلديات ببرج بوعريريج
كما سيتم تزويد 140 ألف نسمة من سكان 5 بلديات بولاية برج بوعريريج، هي: إلماين، جعفرة، تافراغ، كولة وثنية النصر، التي ستستفيد من مياه سد تيشي حاف الكائن بولاية بجاية، بقيمة 12.6 مليار دينار. ولتسريع استفادة المواطنين قبل نهاية الشهر الجاري، تم إنجاز محطة صغيرة مؤقتة لمعالجة المياه، حيث سيتم توفير 100 لتر في الثانية، كما سيتم تزويد 130 ألف نسمة ب 5 بلديات أخرى هي: أولاد سيدي ابراهيم، المهير، المنصورة، بن داود وحرازة، وهي محاذية لولاية البويرة التي يوجد بها سد تيلستيد، إذ يستفيد سكان 3 بلديات هذا الأسبوع. وقد كلف المشروع خزينة الدولة 11.4 مليار دينار.
عنابة والطارف.. لا عطش بعد اليوم
كما تم تزويد ولايتي عنابة والطارف بمياه سد مكسة الواقع بعنابة، هذه الأخيرة التي يستفيد معظم سكانها من مياه الشرب. وحسب المصدر، فإن هناك عمليات استعجالية لتسريع الاستفادة هذا الأسبوع، وقد تم من خلال المشروع إصلاح القنوات المهترئة التي كانت نسبة 30 بالمائة من المياه تضيع بدون استغلال، كما كلف المشروع 3 ملايير دينار، وفي هذا الصدد أكد محدثنا أن حجما كبيرا من المياه المنتجة كانت تضيع هدرا في الخلاء من دون استغلالها، وأن تجديد القنوات وضع حدا لهذه التسربات، لاستغلالها في الصالح العام، وتجنيب المؤسسة الخسائر الكبيرة.
الآبار الجوفية ومياه «الماو» لسد النقص بالشط الغربي
وقد استفادت الجهة الغربية البلاد، من مشروعين، الأول يدعم 3 ولايات هي النعامة، تلمسان وسيدي بلعباس، حيث يتم تحويل مياه الآبار الارتوازية التي يتراوح عمقها بين 300 و400 متر، التي تم حفرها بولاية النعامة على بعد 600 كلم، نحو ولايتي تلمسان (5 بلديات) وسيدي بلعباس، التي تعاني العديد من بلدياتها من نقص في هذه المادة الحيوية، بعدما يوجه جزء منه للجهة الشمالية لولاية النعامة، التي انطلق بها الاستغلال الفعلي لهذه المادة، في انتظار ولايتي تلمسان وسيدي بلعباس، خلال الأيام القادمة، حسب محدثنا، الذي كشف أن هذا المشروع الضخم، يتم من خلاله توفير 40 ألف متر مكعب يوميا، لفائدة سكان الولايات الثلاث، كلف أموالا ضخمة تناهز 43 مليار دينار.
كما سيتم تزويد دائرة المحمدية بولاية معسكر، من مياه محطة التحلية بمستغانم، التي تمون ولايتي أرزيو ووهران، مشروع «ماو»، حيث ستستفيد المحمدية من 122 ألف متر مكعب يوميا، بما يقضي على ندرة المياه. وقد كلف المشروع 13.5 مليار دينار، ويستفيد منه 603 آلاف نسمة.
ورقلة تودع المياه المالحة
ولم تخل ولايات الجنوب الكبير من هذه المشاريع الهامة، المرتبطة أساسا بتحسين الإطار المعيشي للسكان، حيث خصصت الدولة 8 ملايير دينار، لتوفير الماء الشروب ل 250 ألف نسمة بولاية ورقلة، التي يواجه سكانها مشكل المياه الباطنية المالحة. ومن أجل توفير مياه عذبة، عمدت الجهات الوصية إلى إنشاء 9 محاطات لتحلية المياه الجوفية، وتعد هذه الخطوة من الخطوات الكبيرة التي جسدتها السلطات العمومية، لتحسين الإطار المعيشي لسكان هذه المنطقة التي تعد الأكثر احتياجا لمادة الماء، بالنظر إلى المناخ الذي يتميز بالحرارة الكبيرة على طول العام.
رشيد كعبوب
بينما تبرز الصحافة مئات المواضيع الخاصة بمشكل التزود … تسجيل أزيد من 746 ألف مكالمة في 2017
أحصت مؤسسة «الجزائرية للمياه» خلال 2017 أكثر من 746 ألف مكالمة تتعلق بشكاوى عن نقص الماء، والنداءات تخص التبليغ عن وجود تسربات للمياه، وأخرى حول نوعية المياه وغيرها، حسبما أكده ل»المساء» المكلف بالإعلام للمديرية العامة ل «الجزائرية للمياه»، عابد شارف، الذي ذكر لنا أن معظم الاتصالات الهاتفية من طرف الزبائن، تركزت حول التبليغ عن التسربات، التي تؤدي بالضرورة إلى هدر هذه المادة الضرورية، إذ تمكن المركز الهاتفي العملياتي «كاتو» في هذا الشأن من تسجيل أزيد من 41 ألف مكالمة، تليها المكالمات الخاصة بنقص التزود التي تعدت 27 ألف مكالمة، وكذا استفسارات عن الجانب التجاري بقرابة 5600 مكالمة، بينما سجل المركز الهاتفي 958 مكالمة تخص شكاوى الزبائن من نوعية المياه الموزعة.وأضاف المكلف بالإعلام أن مئات المقالات والأخبار، التي ترفع انشغالات المواطنين بشأن هذه المادة الحيوية، تم رصدها عبر وسائل الإعلام المكتوبة، دون الحديث عن وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، وفي هذا الصدد، تم تسجيل 1809 مواضيع، أغلبها مواضيع صحفية تتحدث عن مشكل نقص المياه، و363 موضوعا عن حالات للاحتجاجات بسبب نقص الماء، منها تجمعات، احتلال مقرات إدارية وقطع الطرق، وأن القائمين على الاتصال قاموا بعدة جهود لإيصال المعلومات وتوضيح أسباب النقص، عن طريق الإذاعات الجهوية، مواقع التواصل الاجتماعي وكذا الملصقات.ولتفعيل دور الاتصال والإعلام الجواري، أكد محدثنا أن كل مديري وحدات «الجزائرية للمياه» عبر ولايات الوطن سيساهمون في توضيح الأمور للزبائن، من خلال حصص تخص موضوع توفير الماء وتنظيم ندوات صحفية تشمل الجمعيات والمنتخبين لشرح الوضعية الحالية لتوزيع هذه المادة والمشاريع الجاري إنجازها، وتوضيح آجال إنجازها وأثرها مستقبلا،وأن مسؤولي المشاريع الخاصة بقطاع الري، سيسهمون في هذه العملية التحسيسية، فضلا عن توزيع مطويات ووسائط أخرى لتوضيح الأمور للزبائن.
رشيد.ك
نشر في المساء يوم 18 – 06 – 2018