مع تزايد الشروخ في محيط القصر الجمهوري والدوائر الأمنية السورية الحصينة التي طالها الضرر ، يبدو أن أيام النظام السوري أو حكم بشار الأسد يرافق السحابة العابرة إلى الزوال ، حيث باتت أيامه وبدون أدنى شك جد معدودة وقبضته الحديدية بدأت تتراخى ، وطول حكمه لم يعد يختلف عن طول رقبته التي تشارف حافة المقصلة ، ولن يعود يحميه لا صور الصين و لا قصر الكرملين من السقوط الحر، وسط الانشقاقات المتتالية و ضربات الجيش الحر ، ذلك هو المصير المحتوم لهذا الرجل المعتوه وفي كل الأحوال هو المسؤول الأول عن ما يرتكب من قمع و قتل وتشريد في حق الشعب السوري، بغض النظر عن الجهة أو الأطراف المشاركة في هذا النزاع الذي ما كان ليكون دمويا لولا خروج الجيش بأمر من الرئيس لمواجهة الشعب المطالب بالتغيير.
مؤشرات هلاك نظام بشار الأسد وان حركتها الطبقة الشعبية المهمشة والمعارضة والأصوات اللاغطة في الخارج ،فان الدور الكبير في إسقاط نظام بشار الأسد سيكون من داخله أو الدود الذي سينخر عظامه من خلال الانشقاقات ، تلك التي تحدث بين أركان نظامه الأفراد سواء من السياسيين أو الدبلوماسيين أو أفراد الجيش الذي كان السباق في فتح باب الانشقاق أمام أصحاب النوايا الحسنة والغاضبين عن سياسة وطريقة بشار الأسد في مواجهة سيل الشعب الغاضب بسيل الدم نهيك عن كل تلك السنين التي عاشها الشعب السوري بين القمع والتهميش .
يدرك ويفهم جيدا بشار الأسد معنى ان ينشق في صفوف نظامه وجيشه أي فرد ولو كان مجرد جندي واحد ، فان ذلك سيؤدي حتما إلى توالي عمليات الانشقاق ولن تتوقف طبعا ، وبشار الأسد يفهم ويعلم جيدا ان ما يرتكبه من عمليات قمعية وقتل وتشريد لشعبه وما سبقها أيام حكمه وحكم والده وذلك عملا غير مقبولا ومرفوض من قبل الجميع ظل ضغينة حتى اليوم .
فمن يطبق أوامر الأسد اليوم لقتل شباب أو أطفال من حيه أو قريته أو قبيلته ؟ والأسد يعلم ولو في قرارة نفسه انه ظالم ومتجبر، و ان ما يجري له اليوم هو حالة انقلاب السحر على الساحر حتما ، لأنه في كل الأحوال شعوذة ، بمعنى من سحرهم بشار الأسد ليقتلوا الشعب سينقلبون ضده وانقلبوا فعلا وزمن الرويبضة قد ولى .
ولعل من بين كبار المنشقين مجموعة الضباط الأوائل الأحرار الذين شكلوا الجيش السوري الحر، وعلى رأسهم العقيد رياض الأسعد صاحب الفضل الكبير في الرجة الأولى لأحجار “الدموينو” المتساقطة في صفوف الجيش من جنود بسطاء إلى ضباط والضباط السامون ، لكن ورغم ذلك وبرغم ما لحق من عمليات انشقاق في صفوف الجيش إلا أن نظام الأسد ظل نوعا ما متماسكا متكأ سياسيا ودبلوماسيا على الدعم “الروصيني” وعسكريا على من يراهم خيرة من كبار قادة الجيش لعل أبرزهم نجل رفيق درب والده ورفيقه المقرب العماد الركن مناف طلاس الذي فاجأ العالم وكدنا أن لا نصدق ولم يصدق بشار الأسد بخروجه عن طاعته وانشقاقه، فكانت تلك هي الضربة القوية والمدوية في قلاع دمشق تلتها الضربة الأخرى والتي تبقى محل شكوك وهي عملية اغتيال وزير دفاعه ووزير الخارجية وصهره وبعض من سامي قيادات الجيش في انفجار دمشق ، سبق ذلك انشقاق سفير سوريا في العراق السيد نواف الفارس الذي صنع الحدث ليس لأنه سفير وفقط أو حتى وزير لجهاز حساس بل لأنه عضو وكادر بارز من كوادر حزب البعث وبذبك ظهرت الشروخ الحقيقية وتأكد الانهيار الحتمي ، نفس الشيء وأكثر كان انشقاق رئيس الوزراء السيد رياض حجاب هذا الذي لم يكون قشة وفقط حيث انه شق وقسم ظهر البعير والأسد معا خاصة وانه جاء مع نهاية هذا الصيف الحار ، صيف قد تنضج فيه العقول وتعود إلى صوابها ويكون جنيها هو الشق والانشقاق ، يلي ذلك فصل الخريف الذي ستتناثر كل شوائب الأشجار حتى لو كانت ثمار لأنها أصبحت فاسدة .
بعد كل الذي حدث من انشقاقات ويحدث وسيحدث حتما في الأيام القليلة الباقية من عمر الأسد الذي أصبح بعد كل هذا يدرك تماما انه قد انتهى ، في خضم التصدعات وضربات الجيش الحر والعزلة السياسية المفروضة عليه عالميا ، إلا أنه لازال يحاول عابثا ان يصنع من ما أفسده وما يقوم به من إبادة في حق الشعب الأعزل مجدا مجددا ، متشدقا وبقايا زبانيته بأنه الأقوى وانه باقي في مطاردة العصابات المسلحة لإبادتها وردعها وحماية الوطن ومواطنيه منه بطش الإرهاب .
بقلم: خليفة فهيم _ صحفي جزائري