سمي المسجد الواقع بحي 400 مسكن(سيدي جيلالي) بمدينة سيدي بلعباس باسم الصحابي الجليل معاذ بن جبل (1) ، وهو مسجد بدأت الأشغال به العام 1997م ، يتربع على مساحة إجمالية تقدر ﺑ 4000 متر مربع  .

الزائر لهذا المسجد الكبير على مستوى المدينة بل الولاية كلها ، يستنتج بأنه بني على الطراز المعماري المغاربي ، بدليل الصومعتين مربعتي الشكل ، بلغ طول كل واحدة 24 متر ، أنجزهما بناءون جاءوا من ولاية تلمسان(2) ، تتوسط الصومعتين عند المدخل هيكل يحمل ثلاثة قباب تزيد المسجد جمالا ، للمسجد ثمانية أبواب ، يقابلك عند الدخول من أي باب من الأبواب الثمانية محرابين على الطراز المغاربي كذلك ، واحد مخصص للمنبر ، والثاني لإقامة الصلاة ، أنجزهما بناءون جاءوا من المغرب الشقيق (3) ، وسط قاعة الصلاة الرئيسية ترتفع فوق رأس المصلي قبة كبيرة ، مزدانة بنقوش جصية جميلة الأشكال والألوان.

وعلى العموم يحتوي مسجد معاذ بن جبل على مرافق منها ما تم إنجازه ومنها ما يزال في طور الإنجاز ، على غرار قاعة الصلاة الرئيسية التي بلغت مساحتها 2200 متر مربع ، وسدة للرجال التي بلغت مساحتها 850 متر مربع ، وأخرى للنساء بلغت مساحتها 550 متر مربع ، بطاقة استيعاب تقدر ﺑ 7000 مصلي ، إضافة إلى ميضأة مخصصة للنساء ، و أربعة مقصورات للموظفين(حسب أبوابها الأربعة) ، ومدرسة قرآنية تحوي ثلاث أقسام لتدريس القرآن الكريم ، وقسم مخصص لمحو الأمية وتعليم الكمبيوتر ، ومكتبة للمطالعة ، كما يوجد قسم آخر مخصص لتدريس النساء القرآن الكريم ، وميضأة رئيسية ، ومساكن وظيفية ، وميضأة أخرى خاصة بالمدرسة القرآنية للذكور ، كما يتم حاليا تهيئة ساحات المسجد التي تقدر مساحتها ﺑ 1800 متر مربع (4).

يسود مسجد معاذ بن جبل في يوم الجمعة وطيلة شهر رمضان الكريم أجواء روحانية ، لا سيما خلال موعد صلاة العشاء والتراويح . الجدير بالذكر أن المسجد ظل وما يزال ملتقى التجار المتنقلين و الزبائن من المصلين، في رحلة الشتاء تُباع الفاكهة الشتوية من برتقال وتمر وتفاح ونعناع …الخ ، وفي رحلة الصيف تزدحم الشاحنات المحملة بفاكهة البطيخ والعنب ومنتوجات الحليب ومشتقاته…الخ .

حقيقة يعد مسجد معاذ بن جبل تحفة معمارية “مغاربية” تسر الناظرين ، ما كان سيبنى بهذا الشكل لولا جود المحسنين من سكان الحي القريبين والبعيدين ، ولولا جهود القائمين على بنائه ونخص بالذكر عباس بن سجاد إمام المسجد وكل الموظفين واللجان التي سهرت على انجاز هذا الصرح ، الذي سيبقى منارة للإشعاع الديني والثقافي ، وبيت الله المفتوح لكل الناس مهما اختلفت أعمارهم وأجناسهم و مستوياتهم الاجتماعية.

أردت من خلال كتابة هذه السطور عن مسجد معاذ بن جبل بمدينة سيدي بلعباس أن أحقق غايتين: الأولى : تسجيل تاريخ هذا المسجد للأجيال اللاحقة حتى لا يُنسى ، الغاية الثانية : دعوة الحكومة الجزائرية وبالخصوص وزارة الشؤون الدينية والأوقاف و كذا المديريات الفرعية لها إلى المساهمة المادية ، و الإشراف المباشر في عملية إنجاز مؤسسات المساجد عبر التراب الوطني ، ولما لا تعميم مخطط معماري مغاربي-أندلسي واحد على كافة المشاريع  التي ستقام مستقبلا لتفادي البناء العشوائي ، لأن المسجد في نهاية المطاف هو أحد رموز هويتنا العربية والإسلامية .

الهوامش :

(1)-الصحابي الجليل “معاذ بن جبل” مفتي و فقيه ، قال له النبي (ص) : « إني أحبك يا معاذ » ، و قال عنه المؤرخ عبد الحي بن العماد : «…سلطان العلماء وأعلم الأمة بالحلال والحرام » .كان الصحابي معاذ بن جبل من رواة الحديث النبوي الشريف ، حفظ مائة و سبعة وخمسون حديثا ، عينه النبي(ص) على “الجند” باليمن وهناك بنا مسجدا ، توفي سنة 18 ه/639م عن عمر ناهز ست أو ثمان وثلاثين سنة .أنظر : عبد الحي بن العماد ، شذرات الذهب في أخبار من ذهب . ج1. دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، بيروت ، 1994 ، ص.ص.29-30 و ص.ص.62-63.

 

بقلم السيد د.خالد بوهند (جامعة سيدي بلعباس)

 

(2)-حسب شهادة أحد القائمين على مسجد معاذ بن جبل ، الذي أظهر لي صورة لصومعة أحد مساجد تلمسان شبيهة للصومعتين المذكورتين .

(3)-كنت قد عاينت المكان بنفسي .

(4)-المعلومات نقلناها كما وردت في وثيقة سلمها لنا أحد القائمين على مسجد معاذ بن جبل.

اترك تعليقاً